حالة من التوتر بين القاهرة وأديس أبابا، بسبب ملف سد النهضة، وسط تصعيد متبادل، وجمود في المفاوضات بين دولة المنبع ودولة المصب.
وفي هذا السياق، أصدرت الخارجية الإثيوبية، اليوم الأربعاء، بياناً رسمياً اتهمت فيه مسؤولين مصريين حكوميين (دون ذكر أسماء) بخصوص سد النهضة ومطالب إثيوبيا للوصول إلى البحر الأحمر بأنها تصعيدية وتوجه تهديدات مبطنة إلى إثيوبيا.
وأوضح البيان أن المواقف المصرية باتت أكثر وضوحاً بأنها غير جادة في رفضها للتفاوض، رغم تظاهرها لسنوات بالانخراط في العملية التفاوضية، بينما كانت تعرقل أي تقدم فعلي على الأرض.
توتر بين القاهرة وأديس أبابا
وأشار البيان إلى أن التصريحات المصرية، بما تحمله من تهديدات مباشرة وغير مباشرة، تعبّر عن فشل القاهرة في التكيّف مع الواقع، واستمرارها في التمسّك بمعاهدات استعمارية لا يمكن أن تشكّل أساساً لإدارة الموارد العابرة للحدود.
اقرأ ايضا:
تحذير أمريكي سري بشأن الصواريخ الروسية.. هل تنهار أوكرانيا قريباً؟!
وأكدت الخارجية الإثيوبية أن هذه المقاربة التصعيدية تعكس قصوراً في الرؤية والقيادة، وأن محاولات الضغط على دول المنطقة أو خلق حالة من عدم الاستقرار لن تغيّر من الواقع القانوني أو المائي القائم.
خطاب تصعيدي بين مصر وإثيوبيا
وشدّد البيان على أنّ إثيوبيا ماضية في تحقيق تطلّعاتها التنموية ومشاريعها الاستراتيجية مثل سدّ النهضة الإثيوبي، باعتبارها مشاريع تعكس اعتماد أفريقيا على ذاتها وتعزّز مسار التنمية العادلة.
كما أوضح البيان أن نهر النيل، الذي تسهم أثيوبيا بـ 86% من مياهه، يمنح إثيوبيا حقاً سيادياً في استخدامها لمياه النيل بشكل عادل ومعقول دون الإضرار بدول المصب.
اقرا ايضا:
بالفيديو.. لحظة ثوارن بركان ضخم في إثيوبيا ووصول الرماد البركاني لشبه الجزيرة العربية
واختتمت وزارة الخارجية بيانها بدعوة المجتمع الدولي إلى تشجيع الحوار البنّاء والابتعاد عن الخطاب التصعيدي، مؤكدة أنّ إثيوبيا تظل منفتحة على حلول عادلة وواقعية تحقق المنفعة المشتركة للجميع.
مصر تنتقد ممارسات إثيوبيا
وفي نوفمبر الماضي، قالت وزارة الري المصرية إن التصريفات غير المنضبطة في إدارة سد النهضة الإثيوبي أدت إلى تأجيل استكمال أعمال رفع القدرة التصريفية لقناة ومفيض توشكى — وهي جزء من خطة التطوير الشاملة للمنظومة المائية — نتيجة توجيه الجهود للتعامل مع الزيادات المفاجئة وغير المنضبطة في كميات المياه الواردة من أعالي النيل.
وأشارت إلى أنه في إطار المتابعة المستمرة للموقف المائي على مدار الساعة وبأعلى درجات الجاهزية والدقة، ومن خلال لجنة إيراد النهر التي تضم خبراء في مجالات الهيدرولوجيا وتشغيل السدود والنمذجة الرياضية والاستشعار عن بُعد، ووفقًا للبيانات الواردة من النماذج والتحليلات الفنية، فقد تقرر فتح مفيض توشكى لتصريف جزء من المياه الزائدة، بما يحقق التوازن الهيدروليكي داخل المنظومة المائية المصرية ويضمن استقرار تشغيلها، ويأتي هذا القرار في إطار إدارة علمية دقيقة واستباقية تعتمد على الرصد اللحظي وصور الأقمار الصناعية، بما يعكس جاهزية المنظومة المصرية للتعامل بكفاءة مع أي طارئ مائي.
المنظومة المائية المصرية
وزارة الري المصية، أكدت أن المنظومة المائية المصرية تعمل بكفاءة عالية وتحت سيطرة كاملة، وأن السد العالي سيظل خط الدفاع الرئيسي لمصر في مواجهة أي تقلبات أو تصرفات غير منضبطة.
ولفتت الوزارة إلى أن إثيوبيا سارعت في غلق مفيض الطوارئ في 8 أكتوبر 2025، مما أدى إلى خفض التصريفات الخارجة في ذلك اليوم إلى حوالي 139 مليون متر مكعب ثم استقرت بمتوسط 160 مليون متر مكعب يوميًا حتى 20 أكتوبر 2025، بما يعني تشغيل نحو 50% فقط من التوربينات المتاحة.
صرف المياه في مفيض توشكى
وأوضحت أن هذا الأسلوب في التشغيل غير منضبط هيدرولوجيًا، إذ يتم خفض التصريف لزيادة التخزين ورفع المنسوب، ثم إعادة تصريف المياه لاحقًا بشكل مفاجئ وبكميات تفوق الحاجة الفعلية، بدلًا من تصريفها تدريجيًا كما تقتضي القواعد الفنية السليمة، ويعكس هذا النمط غياب خطة تشغيل علمية مستقرة أو رؤية واضحة لإدارة السد، وهو ما حدث بالفعل، حيث ارتفع منسوب المياه داخل بحيرة السد الإثيوبي مرة أخرى ليقترب من منسوب 640 مترا، وفي يوم 21 أكتوبر 2025 لوحِظ زيادة مفاجئة في التصريفات لتصل إلى نحو 300 مليون متر مربع في اليوم، نتيجة فتح مفيض الطوارئ المخصص أساسًا للظروف الاستثنائية وليس لتشغيل السد بشكل يومي، وهو ما يعكس استمرار العشوائية في إدارة السد، وقد استمرت متوسط التصريفات عند حدود 320 مليون متر مكعب يوميًا لمدة عشرة أيام متتالية.
اقرأ أيضا:
الكويت تتوعد المتورطين في جرائم المخدرات: الإعدام والمؤبد
وتابعت الوزارة إنه تم إغلاق المفيض للمرة الثانية يوم 31 أكتوبر 2025، وبلغ متوسط المنصرف خلال الفترة من 1 إلى 20 نوفمبر 2025 نحو 180 مليون متر يوميًا، بزيادة تقارب 80% عن المتوسط التاريخي لنفس الفترة، والبالغ حوالي 100 مليون متر يوميًا، وهو ما يؤكد استمرار التقلبات الحادة في التصرفات المائية على مجرى النيل الأزرق.
وبحسب بيان وزارة الري المصرية فإن "هذه التصرفات المتتابعة تعكس غياب الضوابط الفنية والعلمية في تشغيل السد الإثيوبي، واستمرار النهج العشوائي في إدارة منشأة بهذا الحجم على نهر دولي، بما يُعرّض مجرى نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير، ويُجدد التأكيد على خطورة استمرار الإدارة الأحادية للسد وما تمثله من تهديد لحقوق ومصالح دولتي المصب، كما تؤثر هذه التصرفات على تشغيل السدود الواقعة خلف السد الإثيوبي مباشرة، التي تضطر لاتخاذ إجراءات تحفظية لاستيعاب هذه التغيرات المفاجئة وضمان التشغيل الآمن لتلك السدود".