قصة حياة وحب وعشرة بين الزوجين دامت لأكثر من 15 عاما، وأثمرت عن 4 أبناء من البنين والبنات في مراحل التعليم المختلفة، وتمضي سفينة الحياة مستقرة إلى ان شعر الوالد والزوج بحالة من الملل بدأت كدبيب النمل، ثم ما لبثت أن زادت شيئا فشيئا حتى أصحبت كالصخرة الصماء التي تسببت في حالة من الصمت والضجر في أركان المنزل.
تسلل الجمود والملل بين الزوجين شيئا فشيئا دون أن ينتبها لحل لهذه المشكلة في بدايتها، حتى أصبح هذا الملل عبئا ثقيلا على كليهما، لاسيما الزوج.
الملل في الحياة الزوجية:
الزوج في هذا الحالة يشكو من الملل في حياته الزوجية، رغم العشرة والحب الذي دام لأكثر من 15 عاما، تخلله الكثير من التحديات والتضحيات والنجاحات والإخفاقات أحيانا، لتمر سفينة الحياة إلى ما عليه الآن.
ويقول الزوج في شكواه، التي أرسلها لصحيفة "وظيفة 24"، عبر صفحة "نبض القراء"، لم أكن أتخيل أن أصل لهذه الحالة في حياتي الزوجية، حالة من الضيق والضجر والملل أصابت حياتي؛ حتى أصحبت في حالة لا أطيق فيها المنزل أو الزوجة، وحتى أصبحت أخشى أن يتسلل هذا الملل لأولادي، الذي أعشقهم وأحبهم بجنون.
ويتابع الزوج في رسالته: "الأيام تشبه بعضها، اليوم مثل الأمس، والأمس مثل اليوم، حتى لم أعد متحمسا لحياة جديدة إلى الغد، لأني أدرك أن الغد لن يختلف كثيرًا عن اليوم، فماذا أفعل، لتستمر سفينة الحياة الزوجية في الإبحار، حتى أنني الآن أخشى عليها من الغرق، بعد أن تجمدت الحياة والروح والمشاعر بيني وبين زوجتي؟
الملل أمر طبيعي في الحياة:
صحيفة وظيفة 24 تجيب على صاحب هذه الرسالة، ونقول: "الملل في الحياة الزوجية من الأمور الطبيعية، وقد يحدث الملل بعد سنوات، قليلة أو سنوات طويلة، حسب تقبل الزوج أو الزوجة، ومدى قدرتهما على التحمل والمواراة حينا بعد حين حفاظا على كيان الأسرة، هذا الكيان المقدس، وهذه الحياة الأسرية والزوجية وخصها الله في كتابه الحكيم بآيات من الذكر الحكيم باقية إلى يوم الدين.
قالت تعالى في كتابه الحكيم {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} (الروم 21: 22).
فاعلم أخي صاحب الرسالة أن عماد السكن والسعادة بين الزوجين، هو المودة والرحمة، فإن كرهت من زوجتك شيئا فتذكر شيئا تحبه تذكر تضحياتها من أجلك ومن أجل أولادك.
حاول أن من جهتك، أن تغير حياتك وحياة زوجتك، للخروج من حالة الملل هذه رويدا رويدا، فحالة الملل لا تقتحم الحياة الزوجية مرة واحدة، ولكن بالتدريج وبدون أن يشعر الزوجين بذلك، وكذلك الخروج من هذه الحالة يحتاج صبر وتحمل الآخر، ومحاولة مرة بعد أخرى، من خلال تجديد حياتك، وحياة زوجتك، لتعيشا معا السعادة المنشودة في الحياة الزوجية والأسرة.
تحدث مع زوجتك وصارحها بمشاعرك:
حاول أخي صاحب الرسالة أن تتحدث مع زوجتك بهدوء في هذا الأمر، ناقشها وتحدثا سويا عن سبب الملل وعبر عن مشاعرك لها ولا تخجل فهي زوجتك، كن صريحا معها للوصول لحلول مشتركة فيما بينكما تعيد شغف الحياة والحب لهذه الحياة والشجرة التي كادت تذبل فيها بينكما.
الحياة الزوجية كالشجرة اليانعة الخضراء:
وتأكد واعلم تماما ان الحياة الزوجية والسعادة الزوجية كالشجرة اليانعة وارفة الظلال والأوراق الخضراء، إن أهملتها يبست وجفت فروعها وسقطت أوراقها رويدا رويدا، وإن سقيتها واعتنيت بها تنعمت بظلها وجمالها وخضار أوراقها.
تحدث سويا مع زوجتك، عن مبادرات واقتراحات لتجديد الحياة فيما بينكما، فالتجديد مطلب وضروري في هذه الحالة للخروج من حالة الملل، وتأكد واعلم تماما أن هذه الحالة، تكاد تكون طبيعية وفي ملايين الأسر حول العالم، ولن العاقل هو من يحافظ على كيان أسرته من الدمار والضياع، ويسعى لتجديد ولملمة كيان أسرته والوصول بها إلى بر الأمان.
علاج الملل في الحياة الزوجية
وفي هذا السياق، أيضاً، يوضج الخبراء ان الملل في الحياة الزوجية هو شعور طبيعي يمر به معظم الأزواج في مرحلة ما من حياتهم. يمكن أن يكون سببه الروتين اليومي، قلة التواصل، أو انشغال كل طرف بحياته الخاصة. ولكن لا تقلق، فهذا لا يعني أن الحب قد انتهى، بل هو مؤشر على أن العلاقة تحتاج إلى تجديد ونشاط.
أسباب الملل
الروتين: تكرار نفس الأنشطة اليومية بدون أي تغيير.
قلة التواصل: عدم التحدث بانتظام عن المشاعر والأحلام والتحديات.
الانشغال: انشغال كل طرف بعمله أو هواياته مما يقلل من الوقت المشترك.
تغيّر الأولويات: بعد الزواج، قد تتغير الأولويات وتتجه نحو تربية الأطفال أو العمل، مما يقلل من الاهتمام بالشريك.
تراجع الجانب الرومانسي: إهمال التعبير عن الحب والمشاعر بطرق مختلفة.
طرق التغلب على الملل
1. كسر الروتين
تغيير الأنشطة: بدلاً من مشاهدة التلفزيون كل مساء، جربوا شيئاً جديداً مثل الذهاب في نزهة، ممارسة الرياضة معاً، أو تعلم هواية جديدة.
عطلة قصيرة: خططوا لرحلة قصيرة ولو ليوم واحد إلى مكان لم تزوروه من قبل. هذا يمنحكما فرصة للاسترخاء وخلق ذكريات جديدة.
تغيير المنزل: قد يكون تغيير بسيط في ترتيب الأثاث أو إضافة بعض الزينة له تأثير إيجابي على نفسيتكما.
2. تعزيز التواصل
محادثات عميقة: خصصوا وقتاً للحديث عن أشياء غير روتينية. اسألوا بعضكم البعض عن أحلامكم المستقبلية أو ذكريات الطفولة.
المواعيد الغرامية: لا تنتظروا المناسبات الخاصة للخروج معاً. حددوا يوماً في الأسبوع أو الشهر للخروج في موعد غرامي كأنكما في بداية علاقتكما.
الاستماع الفعال: استمعوا لبعضكم البعض باهتمام. عندما يتحدث شريكك، ضع هاتفك جانباً وركز معه.
3. إحياء الرومانسية
المفاجآت البسيطة: ليس بالضرورة أن تكون المفاجآت كبيرة ومكلفة. يمكن أن تكون رسالة حب قصيرة، إحضار وردة، أو إعداد وجبة يحبها شريك حياتك.
التعبير عن الامتنان: عبّر عن شكرك وتقديرك لشريكك على الأشياء الصغيرة التي يفعلها. هذا يعزز الشعور بالتقدير والأهمية.
اللمسات الحانية: اللمسات البسيطة مثل مسك اليد، الحضن، أو القبلة يمكن أن تعيد إحياء المشاعر وتكسر الحاجز العاطفي.
وختاما، تذكر أن الملل ليس نهاية المطاف، بل هو فرصة لإعادة اكتشاف علاقتكما. الأهم هو أن تكونا صريحين مع بعضكما البعض بشأن هذا الشعور وأن تعملا كفريق واحد للتغلب عليه.