تحققت صحيفة وظيفة 24 من التقارير والأخبار المتداولة بشأن ادعاء ومزاعم، صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا اليوم السبت الخامس من يوليو ٢٠٢٥ لصالح الملّاك أو المستأجرين فيما يتعلق بـ قانون الإيجار القديم.
ويرجع هذا الجدل المثار وسوء الفهم، بشأن الدستورية العليا وقانون الإيجار القديم، إلى أن المحكمة الدستورية العليا، كانت قد حجزت للحكم بجلسة اليوم دعوى مقامة طعنا على بعض المواد من هذين القانونين، وبالتحقق من الجهات القضائية وبيان الأحكام الصادرة بجلسة اليوم، تبين أن المحكمة الدستورية العليا لم تصدر أي حكم لصالح الملاك أو المستأجرين بشأن قانون الإيجار القديم.
الدستورية العليا لم تنظر في قانون الإيجار القديم
بينما كانت الدعوى الوحيدة التي نظرتها وهي تحمل رقم ٩٠ لسنة ٣٠ قضائية، فقد صدر فيها الحكم بانقطاع سير الخصومة، نظرا لوفاة المدعي عاصم محمد علام شرف الدين عام ٢٠٢٢.
اقرا ايضا:
بيان عن المستأجرين الأصليين.. جديد أزمة قانون الإيجار القديم في مصر!!
ولذلك نؤكد أن المحكمة الدستورية العليا لم تصدر اليوم السبت، أي أحكام تتعلق بقانون الإيجار القديم المثير للجدل في جلسة يوليو الجاري، كما أن حكمها بعدم قبول طلب تفسير تشريعي لعدد من مواد قانون الشهر العقاري، لا علاقة له من قريب أو من بعيد بنظام قانون الإيجار القديم، وقد صدر الحكم نظرا لإقامة دعوى التفسير التشريعي من مواطن بالمخالفة للطريق الذي رسمه القانون وحدده في طلب مقدم من وزير العدل وحده.
دعوى المواطن ورجل الأعمال عاصم علام
أما الدعوى التي نُظرت اليوم وقضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة فيها، فقد كانت مرفوعة من المواطن عاصم محمد علام شرف الدين، الشهير بـ"عاصم علام" وهو رجل الأعمال المصري المعروف في بريطانيا ومالك نادي "هال سيتي" الإنجليزي سابقا.
وبدأ النزاع عندما اشترى عاصم علام عقارا بمنطقة الزمالك، تستأجر فيه السفارة الهندية بالقاهرة شقة كسكن خاص لإقامة العاملين بها منذ عام ١٩٦٤.
فأقام عاصم علام دعوى عام ٢٠٠٧ أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، مطالبا بإخلاء الشقة وفسخ العقد المبرم وقتها منذ أكثر من أربعين عاما، باعتبار أن السفارة المستأجرة شخص اعتباري أجنبي.
وصرحت محكمة جنوب القاهرة آنذاك لرجل الأعمال عاصم علام بالطعن في دستورية نص المادة (۱۷) من قانون الإيجار القديم رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١، فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الايجار الصادر الشخص اعتباري أجنبي بغرض السكن، أسوة بعقد الإيجار الصادر للشخص الطبيعي.
وكذلك طعن عاصم علام بعدم دستورية المادة رقم (۲۹) فقرة (١) من القانون رقم ٤٩ لسنة ۱۹۷۷ ، والمادة (۱/۱۸) من القانون رقم ١٣٦ لسنة ۱۹۸۱ ، فيما لم تتضمنه المادتان من انتهاء عقد الايجار الصادر لشخص اعتباري بغرض السكن ولمدة محددة "بما يؤدى إلى تأبيد عقد الإيجار دون أجل مسمى، الأمر الذي ينطوي على مخالفة دستورية" وفقا لمذكرة الطعن.
اقرا ايضا:
وتم تداول الدعوى في هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا منذ عام ٢٠٠٨ حتى بلغها تقرير رسمي بوفاة المدعي عاصم علام في بريطانيا يوم ٢ ديسمبر ٢٠٢٢، وبسبب وفاة المدعي قضت المحكمة الدستورية العليا اليوم السبت بانقطاع سير الخصومة في الدعوى، ولم يصدر أي حكم بها لصالح الملاك أو المستأجرين.
لا جديد بشأن دستورية قانون الإيجار القديم
يأتي ذلك فيما يسود حالة من الترقب بين أوساط الملاك والمستأجرين على خلفية موافقة مجلس النواب نهائيا على مشروع قانون تسوية أوضاع الإيجار القديم، أو ما يعرف بقانون الإيجار القديم الذي أعدته الحكومة استجابة لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر الماضي بعدم دستورية تثبيت سعر الأجرة في القانون ١٣٦ لسنة ١٩٨١.
وبمجرد إقرار رئيس الجمهورية وإصدار القانون رسميا ستبدأ فترة انتقالية سبع سنوات تنتهي بعدها عقود إيجار الأماكن لغرض السكن، بينما تنتهي عقود إيجار الأماكن للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى بانتهاء فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، وذلك كله ما لم يتم التراضي على الإنهاء قبل ذلك.
وينص المشروع على إلغاء القوانين أرقام ٤٩ لسنة ۱۹۷۷ في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، و١٣٦ لسنة ۱۹۸۱ في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، و٦ لسنة ۱۹۹۷ بتعديل الفقرة الثانية من المادة ٢٩ من القانون رقم ٤٩ لسنة ۱۹۷۷ وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية اعتباراً من اليوم التالي لمرور الفترة الانتقالية الأطول المقدرة بسبع سنوات.
قانون الإيجار القديم يشغل المصريين
يشار إلى أن قانون الايجار القديم تصدر اهتمامات المصريين بجميع طوائفهم ومستوياتهم الاقتصادية والتعليمية، نظرا لقيمة الزيادة التي أقرها قانون الايجار القديم، والتي اعتبرها البعض زيادة تعجيزية لكبار السن سكان هذه الشقق حاليا، خاصة أن معظمهم على المعاشات، وقد لا يستطيعون دفع هذه الزيادات، بينما رأى آخرون أن من حق المالك الأساسي للعقار الحصول على أجر عادل.
وفي التفاصيل، شهدت جلسة مجلس النواب المصري اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025، جلسة ساخنة، حيث وافق مجلس النواب على المادة الرابعة بـ قانون الايجار القديم والتي تحدد قيمة الزيادات في الإيجارات، فيما انسحب عدد من النواب من الجلسة لاعتراضهم على القانون جملة وتفصيلا.
وأعلن مجلس النواب اليوم، خلال الجلسة العامة اليوم برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالي، موافقته على المادة "4" من مشروع قانون الايجار القديم والتى تحدد زيادة القيمة الإيجارية القانونية للأماكن المؤجرة للأغراض السكنية.
زيادة قيمة الإيجارات بـ قانون الايجار القديم
- في المناطق المتميزة بواقع (عشرين ضعف) مثل القيمة الإيجارية القانونية السارية وبحد أدنى مبلغ مقداره (١٠٠٠ جنيه).
- للوحدات الكائنة بالمنطقتين المتوسطة والاقتصادية بواقع (عشرة) أمثال القيمة الإيجارية السارية وبحد أدنى مبلغ مقداره (٤٠٠ جنيه).
- للوحدات الكائنة في المناطق الاقتصادية (٢٥٠ جنيه) .
الحد الأدنى في قانون الإيجار القديم الجديد
وتضمن نص القانون، أنه اعتباراً من موعد استحقاق الأجرة الشهرية التالية لتاريخ العمل بهذا القانون تكون القيمة الإيجارية القانونية للأماكن المؤجرة لغرض السكنى الخاضعة لأحكام هذا القانون والكائنة في المناطق المتميزة بواقع عشرين مثل القيمة الإيجارية القانونية السارية وبحد أدنى مبلغ مقداره ألف جنيه، وبواقع عشرة أمثال القيمة الإيجارية السارية للأماكن الكائنة بالمنطقتين المتوسطة والاقتصادية وبحد أدنى مبلغ مقداره أربعمائة جنيه للأماكن الكائنة في المناطق المتوسطة، ومائتين وخمسون جنيها للأماكن الكائنة في المناطق الاقتصادية.
إلزام المستأجر بسداد الإيجار الشهري وفروق الإيجار
وتضمن نص القانون أيضا: "يلتزم المستاجر أو من امتد إليه عقد الإيجار، بحسب الأحوال، لحين انتهاء لجان الحصر المشار إليها بالمادة من هذا القانون من أعمالها ، بسداد الأجرة الشهرية التالية لتاريخ العمل بهذا القانون بواقع 250 جنيه شهرياً".
كما يلتزم المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار، بحسب الأحوال، بدءا من اليوم التالي لنشر قرار المحافظ المختص المنصوص عليه بالفقرة الأخيرة من المادة 3 بسداد الفروق المستحقة إن وجدت على أقساط شهرية خلال مدة مساوية للمدة التي استحقت عنه.
انسحاب نواب من جلسة مناقشة قانون الايجار القديم
في سياق ذي صلة شهدت البرلمان المصري اليوم جلسة عاصفة، حيث انسحب عدد من نواب المعارضة ومستقلين من جلسة مناقشة مشروع قانون الايجار القديم بمجلس النواب المصري.
بدورهم، انسحب عدد من نواب المعارضة والنواب المستقلين، خلال الجلسة العامة بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، التي تم خلالها مناقشة مشروع قانون الايجار القديم، المقدم من الحكومة، اعتراضًا على رفض الحكومة للتعديلات المقدمة منهم بشأن المادة الثانية.
المادة الثانية من قانون الايجار القديم
كما أعلن مجلس النواب، الموافقة على المادة الثانية من مشروع قانون الإيجار القديم التي تنص على انتهاء عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكني بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به، وتنتهي عقود إيجار الأماكن للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى بانتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل به، وذلك كله ما لم يتم التراضي على الإنهاء قبل ذلك.
البرلمان أعلن رفضه لجميع التعديلات بحذف المادة أو مد الفترة الانتقالية، كما رفض مجلس النواب تعديلا يستثني المستأجر الأصلي وزوجه وأبناءه في المادة، فيما أعلن نواب المعارضة وبعض المستقلين الانسحاب من القاعة، بعد التصويت.
أسماء نواب المعارضة وبعض المستقلين المنسحبين من جلسة مناقشة قانون الايجار القديم في مصر وهم : سناء السعيد، ربهام عبد النبي، مها عبد الناصر، ايهاب منصور، سحر البشير، عاطف المغاوري، محمد عبد العليم داود، أحمد بلال، مارسيل سمير، هاني خضر، زينب السلايمي، هاني خضر، أحمد دراج، نبيل عسكر، عبد المنعم امام، ضياء الدين داود، ضحى عاصي، أحمد الشرقاوي، يوسف الحسيني، سميرة الجزار، علاء عصام، أحمد فرغلي".
البرلمان يلقي بالكرة في ملعب الحكومة
وقبل أيام، قال المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، إن أهمية مشروع قانون الإيجار القديم المعروض أمام الجلسة العامة لمجلس النواب، ليس فقط لأنه يمس قطاعًا كبيرًا من أبناء الوطن من الملاك أو من المستأجرين، وإنما لأننا اليوم أمام تحد جديد ضمن تحديات سبق بتوفيق من الله وعونه أن اجتازها هذا المجلس بعزيمة وثبات وحكمة شهد بها الجميع، حسب قوله.
وأضاف جبالي: "نحن أمام صفحة جديدة سيسطرها التاريخ لهذا المجلس؛ لتصديه لهذه الأزمة التي عزفت المجالس السابقة بكل ما لها وما عليها عن التصدي لها؛ لما فيها من صعوبات جمة، أزمة لم يكن لأي منا يد في صناعتها، وإنما فرضتها الظروف الاستثنائية، الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد في حقبة تاريخية معينة، جعلت سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية في حينه، وتغليبًا للصالح العام، تخرج على جميع المبادئ المستقر عليها في الدساتير والقوانين المتعاقبة من حظر التعدي على الملكية الخاصة، ومبدأ سلطان الإرادة في التعاقد".
الدولة والعلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر
ولفت رئيس مجلس النواب "أن عقود الإيجار، بحسب طبيعتها، هي عقود رضائية ومؤقتة، على نحو أقحمت فيه الدولة نفسها في خضم العلاقة التعاقدية وجعلتها على خلاف طبيعتها غير محددة المدة، وجعلتها تورث لغير مالكها من المستأجر الأصلى إلى زوجه وأبنائه وأقاربه نسبًا ومصاهرة حتى الدرجة الثالثة، في ما يعرف بالامتداد القانوني، وذلك كُلهِ تغليبًا لمبادئ أخرى اقتضتها ظروف الحال؛ وعلى رأسها التضامن الاجتماعي، وقد اتخذت أحكام القضاء في حينه هذه الظروف والمبررات كأساس في أحكامها، إلى الحد الذي وصفت فيه أن عدم تدخل المشرع في وقتها كان سيترتب عليه تشريد آلاف الأُسر وتفتيت بنية المجتمع وإثارة الحقد والكراهية بين فئاته؛ بما يهدر مبدأ التضامن الاجتماعي، بما استلزم تدخل المشرع بما يصون للمجتمع أمنه وسلامته".
وواصل جبالي: وبتطور هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية، نجد أن المحكمة الدستورية العليا طورت من أحكامها ومبادئها في أحكامها المتعاقبة منذ عام 1995 حتى عام 2002؛ حيث تدخلت للحد من هذا الامتداد القانوني على مراحل، وصولًا لتقييده في الجيل الأول فقط.
وواصل رئيس مجلس النواب بقوله: نجد أن المحكمة الدستورية العليا دأبت في جميع الأحكام على التأكيد أن قانون الإيجار القديم هي قوانين استثنائية يتعين النظر إليها دومًا بأنها تشريعات طابعها التأقيت مهما استطال أمدها، وأنها لا تمثل حلًّا دائمًا ونهائيًّا للمشكلات المترتبة على هذه الأزمة، بل يتعين دومًا مراجعتها من أجل تحقيق التكافؤ بين مصالح أطراف العلاقة الإيجارية، فلا يميل ميزانها في اتجاه مناقض لطبيعتها إلا بقدر الظروف التي أملت وجودها".
وأضاف المستشار حنفي الجبالي: "وطبعًا لو كان مجلس الشعب وقتها أعمل سلطته وتدخل لتقليص هذا الامتداد قبل صدور أحكام المحكمة الدستورية العليا، كنا هنجد بعض القانونيين وقتها كما نرى اليوم هيقول لك تدخل غير دستوري (يعني دستوري من المحكمة الدستورية العليا؛ لكن غير دستوري من المشرع صاحب الاختصاص الأصيل)".
واستطرد رئيس مجلس النواب: وبصدور حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير في القضية رقم 24 لسنة 20 قضائية دستورية بجلسة 9/11/2024، وعلى الرغم من تعلق محل النزاع بثبات القيمة الإيجارية، فإن المحكمة أكدت في حكمها طبيعة قوانين الإيجار الاستثنائية وأنها قوانين مؤقتة مهما استطال أمدها، وأقرت صراحةً حق المشرع في التدخل وتنظيم (الامتداد القانوني لعقود الإيجار) وكذا (تحديد القيمة الإيجارية)؛ حيث اعتبرتهما من خصائص كل القوانين الاستثنائية التي يملك المشرع مراجعتها دومًا فلا يعد أي منهما حكمًا مطلقًا من أي قيد، وكلاهما لا يستعصي على التنظيم التشريعي.
تعهدات والتزام الحكومة بتوفير وحدات بديلة
وختم المستشار حنفي الجبالي بقوله : "بهذا إجمالاً أكون قد أوضحت التطور الذي شهدته هذه القوانين الاستثنائية في ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعاقبة. وختامًا؛ أوجه حديثي إلى الحكومة، مؤكدًا أن تطبيق أحكام هذا المشروع وضمان فاعليته على أرض الواقع في إعادة التوازن المنشود بين طرفَي العلاقة الإيجارية، لا يقف عند حدود نصوصه وأحكامه، وإنما يتوقف بدرجة أساسية على التزام الحكومة بما تعهدت به من توفير وحدات بديلة للمستأجرين أو مَن امتدت إليهم عقود الإيجار المخاطبين بأحكام هذا القانون؛ لا سيما الفئات الأولى بالرعاية منهم، فلا يتصور أن يُترك مواطن بلا مأوى أو أن يُزاح عن مسكنه دون أن يجد بديلاً آمنًا ومناسبًا يحفظ له كرامته الإنسانية ويصون للمجتمع أمنه وسلامته".